جولة ترامب الخليجية.. الاقتصاد في صدارة الأجندة وسط تحديات عالمية

تكتسب جولة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الخليج طابعاً اقتصادياً واضحاً، في ظل مشهد دولي يزداد تعقيداً بفعل الحرب التجارية المتصاعدة، والتوترات الجيوسياسية المتفاقمة من غزة إلى طهران. وتأتي الزيارة في وقت يسود فيه الاقتصاد العالمي حالة من “عدم اليقين”، ما يعزز من أهمية هذه الجولة التي يُنظر إليها كامتداد لتحركات ترامب خلال ولايته الرئاسية الأولى، حين رسّخ صورته كـ”صانع صفقات” يسعى لتحقيق مكاسب ملموسة في الأسواق الكبرى.

الاقتصاد أولاً

في صميم هذه الزيارة، يبرز تركيز ترامب على جذب استثمارات ضخمة في مجالات استراتيجية مثل التكنولوجيا والطاقة والبنية التحتية. وتأتي هذه التحركات تحت شعار “أميركا أولاً”، الذي يضع المصالح الاقتصادية على رأس أولويات السياسة الخارجية الأميركية.

ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية، فإن جولة ترامب الخليجية تأتي في محاولة لتأمين صفقات استثمارية وتجارية مع حلفاء واشنطن في المنطقة، في ظل أزمات متداخلة تشمل الحرب في أوكرانيا، والتوتر مع إيران، والصراع المتصاعد في غزة.

إعادة إنتاج 2017؟

تشير تقارير إعلامية إلى أن هذه الزيارة تشكّل تكراراً مدروساً لأول رحلة خارجية قام بها ترامب في 2017، حين استُقبل بحرارة في الخليج، ووقع خلالها صفقات ضخمة. واليوم، يعود ترامب إلى المنطقة وفي جعبته ملفات حيوية أبرزها: النفط، التجارة، الاستثمار، والتحديات الإقليمية في غزة واليمن والبرنامج النووي الإيراني.

الباحث في مجلس العلاقات الخارجية، ستيفن كوك، يرى أن “ما يسعى ترامب إليه بوضوح هو إبرام صفقات اقتصادية”، مؤكداً أن البُعد المالي يُعد المحرّك الأساسي للزيارة.

أهداف واضحة

  • استقطاب رؤوس أموال خليجية نحو قطاعات الذكاء الاصطناعي، وأشباه الموصلات، والطاقة النووية المدنية.
  • عقد شراكات استراتيجية في مجالات الدفاع والتجارة والطاقة والبنية التحتية.
  • تعزيز التعاون النفطي بما يضمن استقرار الأسواق، خاصة في ظل التوترات العالمية.
  • الترويج لمشاريع ترامب التجارية في قطاعي العقارات والسياحة الفاخرة، بما يتماشى مع خطط التنمية الخليجية.

شراكة عابرة للقطاعات

من جهتها، أكدت صحيفة واشنطن بوست أن زيارة ترامب تركز في جوهرها على الاقتصاد، مشيرة إلى أن إدارته تتعامل مع العالم من منظور تجاري بحت، وهو ما يُعد سابقة في السياسات الأميركية الحديثة.

وتزامناً مع الزيارة، تستعد العاصمة السعودية لاستضافة منتدى استثماري أميركي-سعودي، يشارك فيه كبار المسؤولين التنفيذيين في شركات أميركية كبرى مثل بلاك روك، سيتي غروب، وآي بي إم، ما يعكس ثقل البُعد الاستثماري في أجندة ترامب الخليجية.

النفط والتجارة.. عنوان المرحلة

وفي سياق متصل، أفادت شبكة سي إن بي سي الأميركية أن زيارة ترامب تتناول ملفات شائكة أبرزها: وقف إطلاق النار في غزة، وأسعار النفط، وصفقات تجارية محتملة، خصوصاً في صادرات أشباه الموصلات المتقدمة.

ونقلت الشبكة عن مونيكا مالك، كبيرة الاقتصاديين في بنك أبوظبي التجاري، قولها إن الزيارة قد تثمر عن تخفيف محتمل للرسوم الجمركية التي فرضها ترامب سابقاً على الألمنيوم والصلب، وهو ما سيعود بالفائدة على بعض دول الخليج.

وأضافت: “نتوقع الإعلان عن سلسلة من الاستثمارات المتبادلة في مجالات الذكاء الاصطناعي والطاقة والألومنيوم، وهو ما سيُعزز فرص الشركات الأميركية في المنطقة”.

أما الخبير المالي جريج برانش، فيرى أن النفط سيبقى في صلب الاهتمام، إذ لطالما دعا ترامب دول أوبك، وعلى رأسها السعودية، إلى ضخ المزيد من الخام لضبط الأسعار عالمياً.

أبعاد جيوسياسية

من العاصمة القطرية، اعتبر الخبير المالي أحمد عقل أن زيارة ترامب تشكل “منعطفاً استراتيجياً” في ظل الأوضاع المتقلبة إقليمياً، موضحاً أن ملفات غزة، وإيران، وسوريا، ولبنان ستكون حاضرة بقوة إلى جانب الاقتصاد.

وقال إن ملف الطاقة سيكون محوراً رئيسياً، بالنظر إلى أهمية الخليج كمصدر رئيس للطاقة عالمياً، مرجّحاً التوصل إلى تفاهمات تضمن استقرار السوق.

وأضاف: “الولايات المتحدة قد تنظر إلى الخليج كبديل استثماري واستراتيجي في ظل احتدام الصراع التجاري مع الصين، وبحث واشنطن عن أسواق أكثر أماناً واستقراراً”.

كما رجّح عقل أن تمتد النقاشات إلى ملفات الأمن السيبراني، وإعادة الإعمار في دول مزقتها الحروب، ما قد يفتح آفاقاً جديدة للتعاون الاقتصادي.

رسائل داخلية أيضًا

أما في واشنطن، فيرى المحلل السياسي مهدي عفيفي أن ترامب يسعى من خلال هذه الجولة إلى توجيه رسائل للداخل الأميركي، مفادها أنه قادر على تأمين مكاسب اقتصادية رغم الانتقادات التي طالته جراء الحرب التجارية.

وأشار إلى أن الإدارة الأميركية الحالية تواجه ضغوطاً داخلية بسبب الرسوم الجمركية، وتسعى من خلال تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الخليج إلى تعويض تلك الخسائر.

واختتم قائلاً: “زيارة ترامب ترسّخ العلاقة الاستراتيجية بين واشنطن والعواصم الخليجية، لكنها تحمل في طياتها فصلاً جديداً من التعاون الاقتصادي قد يعيد رسم خارطة المصالح المشتركة خلال المرحلة المقبلة”.

تابعنا عبر هذه :

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
WhatsApp
Telegram

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع أخبارنا
تابعنا الآن

    اشترك في النشرة الإخبارية لدينا

    تابع أخبارنا علي مدار الـ 24 ساعة ممكن تسجل الآن

    Create a new perspective on life

    Your Ads Here (365 x 270 area)
    تابع أخبارنا
    تابعنا الآن

    Create a new perspective on life

    Your Ads Here (365 x 270 area)
    تابعنا الآن

    Create a new perspective on life

    Your Ads Here (365 x 270 area)

    نبذة عنـــــــــــــــا..

    موقع حزب حقوق الإنسان والمواطنة الإخباري

    “موقع حقوق الإنسان والمواطنة” موقع إخباري إلكتروني شامل، يصدر عن حزب “حقوق الإنسان والمواطنة”، وتم تدشينه رسميا في 12 نوفمبر من عام 2024.

    يعمل “حقوق الإنسان والمواطنة نيوز” وفق القواعد المهنية والإعلامية الأصيلة، تحت شعار “صحافة بقيمة الوطن”، مع الحرص التام على المصداقية المطلقة وشفافية المعلومات في كل الأخبار.