وسط العمليات العسكرية المتصاعدة بين إسرائيل وإيران، يتزايد الحديث حول هدف تل أبيب الحقيقي: هل هو وقف برنامج طهران النووي والصاروخي، أم السعي إلى تغيير النظام نفسه وربما اغتيال المرشد الأعلى؟
وفيما تواكب الولايات المتحدة التطورات، يطرح محللون تساؤلات عن مدى انخراط واشنطن في هذه الخطة، وإن كان الرئيس دونالد ترامب يميل إلى العودة إلى طاولة المفاوضات.
الموقف الأميركي.. تجنب المسؤولية المباشرة
قال الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، حسين عبد الحسين، في مقابلة مع سكاي نيوز عربية، إن الولايات المتحدة “لا تتبنى قراراً بإسقاط النظام الإيراني”، مضيفاً أن واشنطن تخشى تداعيات اليوم التالي، كما حدث في العراق وأفغانستان.
وأكد أن التغيير إذا حصل بفعل الضغوط الإسرائيلية أو انهيار داخلي للنظام، فإن أميركا ستتجنب تحمّل مسؤولية مباشرة.
التكتيك الإسرائيلي الجديد
من جانبه، أوضح الخبير الاستراتيجي مهند العزاوي أن إسرائيل “تطوّر تكتيك الضرب خلف خطوط العدو”، مشيراً إلى تنفيذ عمليات دقيقة استهدفت قواعد صواريخ ومصانع طائرات مسيرة داخل إيران.
وأضاف أن طهران تعتمد حالياً على ما تبقى من منصات إطلاق، بينما تعاني من تفوق جوي إسرائيلي يصعّب استخدام مخزونها الصاروخي.
ترامب والحسابات السياسية للحرب
بحسب عبد الحسين، فإن ترامب لا يرى أن الدخول في الحرب مكلف له سياسياً، في وقت يتلقى فيه دعماً واسعاً من الجمهوريين وبعض المشرعين المطالبين بالمشاركة المباشرة، خصوصاً في استهداف منشأة فوردو النووية. لكن في المقابل، لا توجد حملة ضغط ممنهجة على الإدارة الأميركية، سواء للمشاركة أو الامتناع.
إيران ترسل رسائل تهدئة.. فهل تتلقفها إسرائيل؟
أفادت مصادر بأن طهران بعثت برسائل إلى قطر وعُمان تطلب فيها وقف “العدوان الإسرائيلي” والعودة إلى المفاوضات.
كما نفت إيران تقارير عن تواصل عبر قبرص، لكن عبد الحسين أكد أن “من يطلب وقف إطلاق النار هو إيران”، مشيراً إلى أن إسرائيل، بعد إنجازاتها العسكرية، ستطالب بشروط تفاوضية جديدة وتنازلات أكبر.
دور القوى العظمى.. حياد فاعل أم تدخل محدود؟
حول احتمال تدخل أطراف ثالثة كروسيا أو الصين، أكد العزاوي أن “التحالفات غير متماثلة”، مشيراً إلى أن موسكو وبكين تفضلان الحياد الفاعل ومحاولة لعب دور الوسيط، خاصة في ظل انخراط روسيا في حرب أوكرانيا، وحرص الصين على تجنب استفزاز واشنطن.
وحذّر عبد الحسين من محاولات بعض الفصائل الموالية لإيران استهداف السفارة الأميركية في بغداد، ما قد يُعد تجاوزاً للخطوط الحمراء. من جهته، لفت العزاوي إلى أن القوات الأميركية رفعت قواعد الاشتباك منذ 2024، وهي جاهزة للرد، مما قد يؤدي إلى انخراط واشنطن بشكل مباشر إذا تعرضت مصالحها لهجوم صريح.
سيناريو تغيير النظام.. غير واقعي في الوقت الحالي
اعتبر عبد الحسين أن الحديث عن دعم انقلابات داخل الجيش الإيراني أو تسليح مجموعات معارضة مثل “مجاهدي خلق” أو أنصار رضا بهلوي، “غير واقعي في الوقت الحالي”، موضحاً أن مثل هذه العمليات تتطلب بنية تحتية وتسليحا وتمويلا طويل الأمد، وهو ما لا يبدو متوفراً حتى الآن.
وختم عبد الحسين بالقول إن إسرائيل تعتبر أنها حققت ما لم تتوقعه في الحرب، وأنها لن تعود إلى طاولة المفاوضات بالشروط السابقة. وأضاف: “الحرب غيّرت المعطيات، وعلى إيران أن تقدم تنازلات أكبر، وربما تفاوض وجهاً لوجه مع الأميركيين”.